ثِقل المقارنة وحرية التفرّد !
رحلة الإنسان مع نفسه أهم من ركضه خلف الآخرين
أصعب ما قد يواجهه الإنسان أن ينظر إلى حياة الآخرين كما تُعرض أمامه، سفر، رفاهية، ترف، شهادات، زواجات، نجاحات وإنجازات متتالية، بينما يظن أنه عالق في مكانه، لم يُنجز شيئًا بعد. فيصبح أسيرًا لما يظهرونه، فتتسرب إليه فكرة خفية بأنه تأخر عن الركب، وكأن الزمن يمشي ببطء في داخله بينما يركض بسرعة عند غيره. هذه المقارنات قد تُثقِل النفس وتنهك الروح، وتُوهمه أنه أقل قيمة، وأنه لا يكفي.
العالِم ليون فستنجر سمّى هذا الميل بـ نظرية المقارنة الاجتماعية – Social Comparison Theory، حيث يقيس الإنسان ذاته بما لدى الآخرين. لكن الخطر أن تتحول المقارنة إلى سجن داخلي، يزرع شعورًا بالخيبة، ويُنسيه أن ما يراه ليس الحقيقة، بل مجرد لقطات مُختارة بعناية من حياة مليئة بما لا يُروى.
الحكمة أن ندرك أن لكل إنسان توقيته الخاص، ولكل زهرة موسمها. ما يبدو عُقدة تأخير قد يكون في الحقيقة مساحة إعداد ونضج. الحرية أن نقيس أنفسنا فقط بما كنّا عليه بالأمس، لا بما وصل إليه الآخرون، لأن أثقل شعور أن تفقد نفسك وأنت تركض خلف حياة ليست حياتك.
ولعلّ هؤلاء الذين نظن أنهم سبقونا، ينقصهم ما نملكه نحن؛ قد يملكون الرفاهية، لكنهم يفتقدون السكينة، يملكون الإنجازات لكنهم يفتقرون للمعنى. فما يُعرض أمامنا ليس بالضرورة ما يجعل أرواحهم ممتلئة، وربما نحن نملك ما لا تُعطيه الدنيا كلها …
تعليقات
إرسال تعليق